أنينُ انتظارٍ / بقلم الكاتبة / ميرة الربّاع / سوريا

بقلم الكاتبة  السورية  ميرة الربّاع

أنينُ انتظارٍ

على ضِفافِ الزَّمنِ

جلسْتُ مُنتظِراً

بترقُّبِ مُتسابقٍ لإعلانِ النَّتائِجِ

ولهفةِ عاشقٍ يتلظَّى شوقاً لِمرورِ معشوقَتِه

في طريقٍ أصبحَ جليسَهُ وخليلَهُ..

رميْتُ صُورَهم في نهرِ ذاكِرتي..

واستعدْتُ كَلِماتي بِلَعْثَمةِ طفلٍ

تدرَّبَ على النُّطقِ ولمْ يُتقِنْهُ بعدْ..

فراحَتْ نظراتُ والِديهِ البريئةُ تُطوِّقُ خُطواتِهِ..

جلسْتُ هُنا.. أنتظرُ عودةَ أطيافِهم..

وضعْتُ الخيالَ رِهانَ قُدومِهم

عَبَثاً.. ما نتمنَّاهُ في صخْبِ الطُّرقاتِ

وفوضى الأقدامِ..

فليسَ كُلُّ زمانٍ صالِحاً للذِّكرى

ولا كُلُّ عودةٍ تستحقُّ الاستقبالَ!

ومكانُهم!.. لا يُوسَمُ المكانُ بِحجمِهِ؛

بلْ بروحِهِ.. ورُوحِ ساكنيهِ.. يَحيا، ويَحيا!

ساكِنُوهُ المُغادِرونَ مُنذُ زمنٍ ودهرٍ!

عندَ مفارقِ الزَّمنِ.. حيثُ لا وقوفَ!..

قد تُسرَقُ مِنَّا ذاتُنا التي هُدِرَتْ في الانتظارِ..

انتظارٌ مَمهورٌ بطابعِ النِّسيانِ!

نرنو إليها.. نُديمُ النَّظرَ في خفايَاها وأعماقِها..

وكما الطُّيورُ عِندما تقصدُ مكاناً آخرَ..

نُحاولُ الالتقاطَ مِنْ مُحتوى كَوْنِها..

نُعزِّي أنفُسَنا بِوَهْمٍ مِنْ حقيقةِ وُجودِها..

نُصارِعُ الزَّمنَ، والسَّاعاتُ توقَّفَتْ تكَّاتُها..

نُسابِقُ الصَّباحَ، وخُيوطُ الشَّفَقِ تُغازِلُنا وشاهِدةٌ علينا..

وعُيونُ السَّماءِ تحرسُ زاويتَنا تِلك!

على أكتافِ جَبلِ العُزوفِ عرجَتْ مآقينا

وألسِنةُ قلوبِنا لا تُريد! وحالُ عقولِنا ترفضُ الفِكرةَ.. فِكرةُ انتظارِنا.. وتَناسيهم!

غيومٌ مُتكدِّرةٌ تسبحُ في فضاءِ مقالِنا

تُحاربُ بسِياطٍ امتشقَتْها مِنْ كفَّةِ الزَّمنِ وعينِ الوُجود.. 

جَلداتٌ كثيرةٌ جزاؤُنا.. ولا أثرَ لها..

لكِنَّ نُدوبَ أرواحِنا المنزوعةِ مِنَ الحياة

كلَّلَتْ معركتَنا بِنِتاجٍ مِنْ فَشلٍ ذَريع!

وسطَّرَتْ خسارةَ وَقْفَتِنا في ظِلِّ الأرواح!

وما زالَ هُناكَ في أروقةِ الذَّاكرةِ الضَّيِّقة

وعلى ضِفافِ النِّسيانِ وشُطآنِ التَّناسي!

أنينٌ.. لمْ ييأسْ مِنْ بَوْحِهِ..

رنَّانٌ صَدَاهُ في مَسمعِ كُلِّ مُنتظِرٍ..

أنينٌ لمْ يتوارَ حياءً يوماً.. ولنْ!.

بقلم الكاتبة  ميرة الربّاع / سوريا