ما الذي حدث في روسيا وكيف إنتهى ؟ بقلم أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي كاتب ومحلل سياسي
تابعنا الأحداث المؤسفة التي جرت في روسيا يوم أمس وكانت تلك الأحداث متوقعة عند البعض ومفاجئة للبعض الآخر داخل روسيا وخارجها، متوقعة عند البعض لأنه لم يتم حل الخلاف الذي تراكمت أحداثه منذ عدة أشهر بين رئيس فاغنر بريغوجين وبين وزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان الروسيين
ومفاجئ للبعض الآخر لأنه لم يتوقع من بريغوجين أن يتخذ ذلك القرار بلحظة غضب ويرتكب هذا الخطأ المتسرع في الوقت الذي تخوض فيه روسيا وجيشها وكل حلفائها التابعين للقوات المسلحة الروسية حربا ضروسا مع الغرب وحلفهم الناتوي وأدواتهم الذين يسيطرون على الحكم في أوكرانيا وبكل أجهزتهم العسكرية والإستخباراتية والإعلامية والسياسية والإقتصادية وحتى الثقافية والإجتماعية
وخلال يوم امس ذهب الكثير من المحللين العسكريين والسياسيين وقادة الغرب الناتوي وزيلنسكي بخيالهم المريض إلى الكثير من الأوهام والأحلام الهستيرية، فمنهم وهم قادة أمريكا من آراد زيادة نيران الفتنة وبدأ يدغدغ بمشاعر رئيس فاغنر بأنهم لم يفرضوا عقوبات جديدة على فاغنر حاليا ومن ثم يدعون بأن إدعاء بريغوجين قبل عدة أشهر بنقص الإمدادات كان للتحضير لهذه اللحظة حتى يثيروا القادة العسكريين والسياسيين الروس على بعضهم البعض وعلى بريغوجين وفاغنر بأكملها، والبعض الأوروبي بدأت أجهزة إستخباراتهم بإجراء إتصالات حتى يتم إستغلال الحدث لصالحهم ليحققوا ما عجزوا عن تحقيقه منذ أشهر، وزيلنسكي يدعي بأن بوتين هرب من موسكو وروسيا أصبحت هشة وضعيفة وستقوم حرب عسكرية تنهي روسيا بشكل كامل، وبدأت قواته النازية بالتحرك إتجاه مناطق دونباس التابعة لروسيا لإستغلال الأحداث ظنا منه أن الجيش الروسي في غفلة وإنشغال بالأحداث ولكن تلك التحركات باءت بالفشل وهزمت تلك القوات من قبل الجيش الروسي
والمحللين العسكريين والسياسيين بدأت تحليلاتهم بالهلوسة وكأن روسيا وقائدها بوتين والذي يمتلك الحكمة والحنكة وجيشها البطل الذي يتجاوز المليون ومئة وخمسون ألفا غير الإحتياط وأجهزة إستخباراتها الأقوى في العالم وشعبها المتماسك والدولة الروسية قد إنهارت وسقطت، وبعض القادة الغربيين ومحلليهم العسكريين والسياسيين ذهبوا لأبعد من ذلك لتقسيم الكعكة الروسية بينهم، وقد فشلت كل إتصالاتهم وتوقعاتهم وأحلامهم وهلوستهم السياسية والعسكرية ورميت في مزابل التاريخ الروسي
وكان السؤال الذي يطرح من هؤلاء الفتنويين جميعا شياطين الأرض هو أن قائد فاغنر وقواته كيف سيطرت بهذه السرعة على روستووف وإتجهت إلى العاصمة موسكو دون أن يتحرك الجيش الروسي ويمنع تقدمهم، والجواب سهل جدا فالقيادة السياسية والعسكرية يعرفون جيدا عقلية قائد فاغنر بريغوجين وإمتصوا غضبه وأنه إتخذ قراره في ساعة غضب ردا على تصريحات سابقة لوزير الدفاع بأنه سيتم إنهاء عمل قوات فاغنر، وهنا تأتي الحكمة والحنكة السياسية والعسكرية لبوتين وإعطاء أوامر لوزارة الدفاع ورئيس هيئة الأركان بعدم التعرض لتحرك فاغنر أو محاولة إطلاق رصاصة واحدة على جنوده وبالذات بعد أن قامت القيادة العسكرية دون الرجوع لبوتين بقصف حافلة لفاغنر على أحد الجسور في روستووف...
وهذه الحكمة والحنكة لبوتين كانت لحقن دماء القوات المسلحة ومنها قوات فاغنر وأيضا لتجنب وقوع ضحايا من المدنيين الأبرياء في الأماكن التي تتواجد فيها قوات فاغنر وقد نجحت هذه الحكمة والحنكة، وقام بوتين بإجراء إتصالات عدة مع قادة دول ومنهم رئيس بيلاروسيا كلاشينكوف والرئيس التركي أردوغان وقد توسط الرئيس البيلاروسي وأجرى إتصالاته مع قائد فاغنر بريغوجين ومع بوتين مباشرة وقد علم بوتين السبب الذي جعل بريغوجين يتخذ مثل هذا القرار المتسرع، وقد نجحت وساطة الرئيس البيلاروسي وتم الإتفاق على إعطاء الضمانات الأمنية لفاغنر وقائدها وسحب كل الدعاوي القضائية التي إتخذت بحقه وغيرها من بنود الإتفاق والتي سيعلن عنها في الأيام القادمة، وهنا وخلال هذه الوساطة تم سحب كل قوات فاغنر وعادت إلى مواقعها وبعض التقارير الإعلامية أكدت بأن بريغوجين قد توجه إلى بيلاروسيا ليس كما يحلل البعض أنه نفي لا وإنما لعقد لقاءات بينه وبين بوتين او من ينوب عنه من قادة الجيش الذين يعرفون كيفية التعامل مع عقلية بريغوجين للتوقيع على إتفاق نهائي يتم تصويب أوضاع فاغنر وقائدها وقد يتم ضمها بشكل فوري مع الجيش الروسي وإعطاء رتبة عسكرية أو منصب سياسي إلى بريغوجين مع عمل بعض التغيرات وإقالة قادة من وزارة الدفاع وغيرها من الأمور التي كان يجب أن تتخذ منذ إندلاع الخلافات بين بريغوجين ووزير الدفاع ورئيس هيئة الأركان الروسيين
وكل ما جرى يوم أمس سيزيد روسيا قوة وصلابة وهو نصر جديد لروسيا وقائدها بوتين وللجيش الروسي على أعدائهم الذين ومنذ بداية الأحداث وهم يعملون على زيادة الفتنة ويحاولون الإصطياد في الماء العكر لتنفيذ ما عجزوا عن تنفيذه منذ عدة أشهر وهو هزيمة بوتين وروسيا وتفتيتها وإستنزاف جيشها ومن ثم السيطرة عليها وتقسيمها بينهم ظنا منهم أن روسيا وبوتين كبعض دول في منطقتنا والعالم يقومون بفتنتهم وسفك دمائهم لتقسيم بلدانهم ونهب ثرواتهم وتقاسم الكعكة بينهم، إنها روسيا بوتين يا سادة الغرب المهزوم وليس ليبيا والسودان وكل الدول في منطقتنا والعالم، والتي قمتم بإشعال الفوضى الخلاقة والثورات المفتعلة والفتنة فيها وسفكتم دماء شعوبها وهجرتموهم وقتلتوهم في مياهكم الإقليمية وجثث أطفالهم سحبتها أمواج البحر على شواطئكم النجسة، لعدم وجود الحكمة والحنكة عند بعض قادة المنطقة الذين تآمروا على قادة ودول وشعوب وجيوش ومقاومة أمتهم ووقعوا بأفخاخ ودهاليز المخططات والمشاريع الصهيوأمريكية خاصة والصهيوغربية عامة
أحمد إبراهيم أحمد ابو السباع القيسي
كاتب ومحلل سياسي
تعليقات
إرسال تعليق
* عزيزي القارئ *
لقد قمنا بتحديث نظام التعليقات على موقعنا، ونأمل أن ينال إعجابكم. لكتابة التعليقات يجب أولا التسجيل عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي أو عن طريق خدمة البريد الإلكتروني...
رئيس التحرير د:حسن نعيم إبراهيم.