قصة خيط النجاة للكاتبة وفاء حميد

قصة خيط النجاة للكاتبة وفاء حميد
قصة خيط النجاة للكاتبة وفاء حميد

قصة خيط النجاة للكاتبة وفاء حميد

قصة خيط النجاة

نجا من موجات البحر المتكسّرة على الصخور الصامتة، فاحتضنته رمال الشاطئ، مشى نحو قلب المدينة باحثاً عن أمان وملجأ، وبينما كان يمشي بخطوات متثاقلة، سمع أصواتاً وهمهمات، أخذ يسير ويسير حتى رأى مجموعة من رجال مدججين بأسلحتهم وآلاتهم القاتلة، يتضاحكون، والشرّ يتقدمهم، تراجع إلى الوراء بخطوات بطيئة، وخلف حائط مائل لأحد البيوت التي طحنتها رحى آلتهم، حاول الاختباء، أخذ نفساً عميقاً، تناهى إلى سمعه صوت أنين، تبعه بهدوء وخوف باحثاً بين الركام عن مصدره، ومن بين أكوام حجارة وجدران تهالكت من شدة القصف، وجد حفرة صغيرة يتصاعد منها الغبار، وكأنها تبتلع أنفاسها، مدّ يده وهي ترتعش، وبدأ يحفر، فاجأه وجهٌ ملائكيّ لطفل لم يبلغ الثالثة من عمره، (عمو أرجوك أنقذ قطتي)، يصدمه هذا الرجاء، ويشرع بغرز أصابعه في الرمال بكل ما أوتي من قوة محاولاً إخراجه، وعندما ظهر نصف جسده، قال له: حاول أن تخرج يدك يا طفلي حتى أستطيع سحبك، لكن الطفل بقي صامتاً، محتضناً قطته، ونظر إليه (عمو أنا أحتضن قطتي بين ذراعي وإذا أعطيتك يدي قد لا تستطيع سحبها)، دهش الرجل من قول الطفل، حسناً يا بني، وهل قطتك مازالت على قيد الحياة؟ (نعم، مازالت تتمسك بي)، حسناً حسناً، انتظر وسأحاول أن أنقذكما معا، وعندما انتهى من الحفر ورفع الركام، كان اللون الأحمر الممزوج بالركام يغطي جسد الطفل وقطعة فرو ملتصقة على صدره يبدو أنها تصدت لشظية حمت بها الطفل، نظر الطفل إليه (عمو هل لك أن تعالج قطتي؟ إنها تنزف)، أخذ الرجل الطفلَ بين ذراعيه وبدأ بنزع القطة عنه بعد أن علقت بعض مخالبها في ثيابه، وضعها جانباً، وقال له: يا بني سوف أدفن قطتك، فقد أوصتني أن أقول لك إنها بخير، لكن جسدها سيوارى الثرى، وستكون سعيدة إن كنت بخير، ترقرقت الدموع من عيني الطفل، (لكن ياعمو نحن لم نفترق أبداً كيف لها أن تتركني؟)، لن تترك يا طفلي، فهي سعيدة لأنك نجوت، وبينما أخذ الرجل يدفنها، سمع أصواتاً وخطوات أقدام، والدم مايزال ينساب من جبهة الطفل وأنفه.

تعليقات