قصة بعنوان : " الباب " للكاتبة السورية نور الهدى صبان

قصة بعنوان : " الباب " للكاتبة السورية نور الهدى صبان
في خلايا جسدي خطوّا شروخاً عميقة، وبأعصابٍ باردة، ثم ابتسموا، بينما كان قلبي يتوقفُ عن النبض والارتعاشِ، وتقتربُ أكفّهم التي تلامسني من ضفافِ روحي، ومن غفوة الأبد، أبكي تارة فيعلو نشيج دموعي حين يفارقوني، وتارة أهلل لقدومهم فيخبو بكائي،لِمَ حملوّني أوزارهم، أفكارهم، بل وخداعهم، علقوا على مشجبي أسرارهم، رؤاهم، ولم يعلقوا علي تمائمهم، فقط حملوّني أقفالاً من داخلي وخارجي تمويهاً عن أفعالهم الخسيسة، تجاوزوا حُرمة عتبتي و ملأؤها بعدسات الريبة والخوف، تناسوا انحناءة اليد التي نقشتني ومحوا ذاكرة الباب حين كان شجراً، اقتربتُ جداً من أرواحهم وشددتهم إلى ساحة الضوء، لم يتحسسوا نعمتي حين ينهمر المطر، يركضون تحت خيوطه، تتبللُ أجسادهم برشقاته، لكن حين يلجوّني يجدون غزلان الأمان والدفء وقد تراشقت بها أفئدتهم،
لم أُخلق يوماً مثل غيري من الأبواب، لكنني أعلمُ مايحدث ورائي، نعم أتنفس صرير المفصلات، وأتألم حين أشعر بالبرد وبالحر، لكن لم يكن المطر ولاالغبار شاغلي، ولالهفتهم للوصول إلى مقبضي فقط كي يصلوا إلى مبتغاهم، انتابتني الحسرة وشتتنيّ الوجع، أتخطى بانكماش واضح كل الأسيجة والأسوار وكل المارين من أمامي ومن ورائي، مطلقاً صرخات مكلومة في داخلي المتعب، أتحسرُ حقاً لأنني كنت باب غرفة النوم، المكان الذي يحوي الضحكات والهمسات ودفء الاحتضان، يمرُّ الزوجان من خلالي وكأنني حارس الحب، لكن:
شيئاً فشيئاً بدأتْ ضحكاتهما تبهت، وأصواتهما تختفي، يرمقاني بنظرات صامتة جامدة ويحدقان بي بصمت مقلق، فالضيفُ الذي كان عابراً (وليد) صار يزورهما مراراً بين الحين والآخر صارت ليلى تبقي الباب موارباً حين يدخل، تغلقني بمزيدٍ من الحرص وبخفةٍ بالغة، كنت حينها أتخشبُ خوفاً وارتعاداً، كان (وليد) يضحك كثيراً أكثر مما كان يفعل (سامي) ضحكات لاجذور لها ولاماض ولاذاكرة!!
ليلة البارحة عاد سامي مبكراً لم ألحق أن أحذّرهما فقد كنتُ مغلقاً من الداخل، سمعتُ خطى سامي خلفي ثقيلة مترددة مشتتة، يدٌّ امتدتْ نحو مقبضي ثم توقفتْ فجأة! رأيتُ بأم عيني الكفَّ وهي ترتجف كلص أمسكه الشرطي متلبساً، لكنه لم يفتحني ولم يدق عليّ، اشتمَّ عطراً غريباً، قرأ الخيانة تحت الفجوة الصغيرة في أسفلي، استدارَ ورحل. انتهت
بقلمي : نور الهدى صبان سورية الحرة
٣١ أيار ٢٠٢٥
تعليقات
إرسال تعليق
* عزيزي القارئ *
لقد قمنا بتحديث نظام التعليقات على موقعنا، ونأمل أن ينال إعجابكم. لكتابة التعليقات يجب أولا التسجيل عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي أو عن طريق خدمة البريد الإلكتروني...
رئيس التحرير د:حسن نعيم إبراهيم.