نحو توثيق الذاكرة الفلسطينية في عقول أجيالها / بقلم الإعلامية / مي أحمد شهابي

نحو توثيق الذاكرة الفلسطينية في عقول أجيالها
بقلم الإعلامية / مي أحمد شهابي
فلسطين... دم على حجر
ما إسمهاش إسرائيل
إعداد: مي أحمد شهابي
تحرير: سليمان حسني أحمد
طباعة: دار الشجرة للطباعة والنشر
الإهداء:
إلى من أدبه الفقر.. وهذبه الضمير..
فصار كالسنابل الممتلئة قمحاً.. ينحني تواضعاً..
لأنه من فلسطين...
إلى أطفال العالم قاطبة!!...
هنا فلسطين... هنا فلسطين
التقديم:
ثمة حواجز جمة، تدفعنا إلى التفكير بإمعان، لنسدد ما نريد كتابته صوب الناشئ الفلسطيني والعربي والعالمي والغوص بما يحيط بخلده، فهو يكتب اسمه واسم مدرسته وقريته على طابع دفتره وكراريسه، دون أن يدري ما يعنيه اسم تلك المدرسة أو تلك القرية أو من أين أتى ومن أي قرية أو مدينة بفلسطين هو.
ولعل أبرز الحوافز المتدافقة ذلك الفرق الشاسع بين ما يفكر به الطفل الفلسطيني ويلهث وراءه بكل جوارحه وبين ما يجب أن يحيا في عقله كونه طفلاً، وهو بمنأى عن وطنه مسقط رأس آباءه وأجداده.
وإننا لنرى أن السبيل السوّي لجعل أطفالنا يلتصقون بقضيتهم. هو أن نملأ ذلك الفراغ المبهم الذي يكتنفه أفقهم، بمعرفة الطفل لوطنه بأسلوب السهل المتناول، يَسير المأخذ، من خلال الإطلاع على بعض المدن والقرى الفلسطينية المحتلة أو المدمرة، ولاشك أن هذا الجيل من الأطفال هو بأمس الحاجة لهذا النوع من الوعي الفكري البنّاء لمواجهة غطرسة العدو الصهيوني الذي يحاول جاهداً سرقة تاريخنا الوطني (تاريخ فلسطين المحتلة).
مي أحمد شهابي
المدير العام لدار الشجرة
اسمها فلسطين..
ما اسمهاش إسرائيل
على شرفة القدر حيث تنهمر حكايات من ماضٍ فلسطيني، ينزّ بألم طرق الظلم والقتل الذي حل بمدينتنا الجميلة فدّون الزمان خطه على ميدان الحياة بتاريخ أجدادنا الفلسطينيين الكنعانيي الأصل، عمّروا أراضينا منذ آلاف السنين، وشيدوا الحضارات التي لا نزال نراها إلى وقتنا هذا، حيث أقاموا حضارة راقية، وبنى مدينة القدس، والعديد من المدن كنابلس، وأريحا، عكا، غزة، يافا»..
يا أبنائي أنا فلسطين.. فدعوني احدثكم عنها
فلسطين.. هذا البلد الشامخ والصامد شموخ وصمود البشرية جمعاء، لم تعرف الأرض ولا الحضارات بلداً أكثر منه عراقة وحضارات متعددة..
عرفت فلسطين منذ القدم بأرض كنعان، كما ورد في تقارير أحد القادة العسكريين لدى ملك (ماري)، وورد بوضوح على مسلة (أدريمي) ملك الآلاخ (تل العطشانة) في منتصف القرن الخامس قبل الميلاد. دلت السجلات الرافدية والسورية الشمالية على أسماء المناطق الواقعة جنوب بلاد الشام، وذلك في الألف الثالثة قبل الميلاد، وكانت تعرف ببلاد الشام كلياً في تلك الفترة باسم "أمورو" أو الأرض الغربية، أما فلسطين؛ فقد عرفت منذ القرن الثامن عشر قبل الميلاد بأرض كنعان، وغالباً فإن أصل كلمة فلسطين هي (فلستيبا) التي وردت في السجلات الأشورية، إذ يذكر أحد الملوك الأشوريون سنة 800 قبل الميلاد أن قواته أخضعت (فلستو) وأجبرت أهلها على دفع الضرائب.
وتتبلور صيغة التسمية عند هيرودوتس الذي أطلق الاسم على هذا الجزء، على أسس آرامية في ذكره لفلسطين "بالستين"، ويستدل أن هذه التسمية كان يقصد بها الأرض الساحلية في الجزء الجنوبي من سوريا الممتدة حتى سيناء جنوباً وغور الأردن شرقاً.
وأصبح اسم فلسطين في العهد الروماني ينطبق على كل الأرض المقدسة، وأصبح مصطلحاً اسمياً منذ عهد هدربان وكان يشار إليه دائماً في تقارير الحجاج المسيحيين.
كما ورد ذكرها في المصادر الآشورية في صيغتين متقاربتين، فغالباً ما يكون أصل كلمة فلسطين – فلستينا- التي ترد في السجلات الأشورية في أيام الملك الآشوري “أددنيراري الثالث 800 ق.م” إذ يذكر هذا الملك على مسلته أنه في السنة الخامسة من حكمه أخضعت قواته “فلستو” وأجبرت أهلها على دفع الجزية، وفي عام 734 ق.م جعل الملك “تغلات بيلاسر الثالث” أرض فلستيا هدفاً له.
ولكن ذهب بعض الجغرافيين العرب ليقولوا: إن اسم فلسطين هو في الأصل اسم ولد من حفدة نوح سميت فلسطين باسمه، ويسلسلون نسبه إلى نوح فيقولون: فلسطين بن سام بن ارم بن سام بن نوح عليه السلام!!
بينما فيليب حتي قال: أن اسم فلسطين أتى من اليونانية، وإن أصله اليوناني هو: فلسطيا، ويقول أيضاً: (إن هذا الاسم متصل بذكرى الفلسطينيين ــ الهنود الأوروبيين الذين هاجروا إلى المنطقة الساحلية في القرن الثالث قبل الميلاد).
ويقول جواد علي: (إن العماليق هم سكان فلسطين القدامى، وإن من ذريتهم أبناء فلسطين الحاليين).
والجمع بين ما يقوله الباحثون والجغرافيون يقتضينا أن نعتبر الفلسطينيين القدامى خليطاً، منهم العرب العاربة من أبناء الكنعانيين ومنهم العرب المستعربة، ومنهم أبناء المهاجرين من شواطئ بحر إيجة.
لقد ساعدت خصوبة أرض فلسطين وموقعها المتميز على وجود الإنسان فيها منذ أقدم العصور، حيث كان لها دور بارز في عملية الاتصال الحضاري بين المناطق المختلفة في العالم وذلك لموقعها المتوسط منه، مما ساعد على كتابة تاريخها منذ القدم.
أما عن أصل اسم فلسطين قديماً (بلست)، هو اسم يعود للشعوب التي سكنت منطقة الساحل جنوب فلسطين.
وهو اسم لشعوب جاءت من جزر البحر المتوسط وخصوصاً من جزيرة (كريت اليونانية) هاجروا إلى فلسطين وشواطئ الشام ومصر، فصدهم، رمسيس الثالث فرعون مصر في معركة لوزين لأنه لا يريد أن يسكنوا مصر، وأمرهم بالرحيل إلى جنوب فلسطين لمناطق تدعى بلست وقد نصت الكتب التاريخية والمقدسة على هذا وجاء ذكر بلست فيها.
وعليه نسب أهل هذه المناطق إلى بلست وسموا بـ (البلستينيين) ومن هنا جاء اسم فلسطين حيث كانت تعرف ببلستين وتبدلت مع الأيام لتكون (فلسطين).
غير أن هذه الشعوب تجاوزت مع الكنعانيين واليبوسيين وهم السكان الأصليين لفلسطين منذ قبل عام 1200 قبل الميلاد ومن ثم اختلطت أنسابهم ولغاتهم وذابوا مع الشعب الأصلي الأكثر عدداً وحضارة ومع تقادم السنين ذاب البلستيون مع الكنعانيون ولم يعد لهم أثر تاريخي بسبب المصاهرة والنسب وحتى الشؤون الدينية والاجتماعية.
ــ في المحصلة الأهم يتضح لنا أنه إلى هذه المرحلة لم يظهر أي ذكر لليهود أو أقوامهم، وقد أثبتت جميع الآثار والكتب التاريخية والمقدسة وكتب المؤرخين الغربيين على أن سكان فلسطين الأصليين هم الكنعانيين واليبوسيون. وبما ينفي اي حق مزعوم لليهود بأرض فلسطين.
ــ وتوالت على أرض فلسطين الغزوات الطامعة إلى أن فرض الانتداب البريطاني الاستعماري والذي عمل على تنفيذ وعد بلفور والذي يقضي بإنشاء وطن قومي لليهود على أرض فلسطين وعلى حساب شعبها الذي يقيم على أرض بلاده منذ آلاف السنين ومنذ اللحظة الأولى للانتداب البريطاني وتسهيل وتشجيع هجرة اليهود إلى فلسطين ومنحهم الأراضي وكل التسهيلات الممكنة. هب الشعب الفلسطيني ضد سلطات الانتداب البريطاني والاستيطان الصهيوني واندلعت أول ثورة في العام 1920 وسميت هبة البراق والتي قام البريطانيون بقمعها بكل شدة وقاموا بشنق أبرز قادتها وخرجت جموع الفلسطينيون في تشييع الشهداء وهم ينشدون الأغنية التالية:
ومن سجن عكا طلعت جنازة محمد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا لزير
وجازي عليهم ياشعب جازي
المندوب السامي وربعه عموما
ومع ازدياد الهجرة إلى فلسطين ومنحهم الأراضي وغض الطرف على انشائهم العصابات الصهيونية المسلحة واعتدائهم على الفلسطينيين، تطورت مقاومة الشعب الفلسطيني ضد جيش الاحتلال البريطاني والعصابات الصهيونية لتصل إلى ذروتها بثورة 1936 والتي شارك بها عامة الشعب الفلسطيني واستمرت لمدة ثلاث سنوات متواصلة. واضطرت بريطانيا لوقف الهجرة الصهيونية ومنح الأراضي للصهاينة. وما إن هدأت الأمور عملت بريطانيا كل مابوسعها لدعم الصهاينة بكل الوسائل المادية والعسكرية حتى يومنا هذا.
وفي بداية العام 1948 قررت بريطانيا الانسحاب من فلسطين وسلمت معسكراتها والعديد من مخازن الأسلحة من مدافع وطائرات إلى الصهاينة. والذين قاموا بارتكاب أبشع المجازر بحق الفلسطينيين. وأهمها مجازر دير ياسين والطنطورة ومجزرة الدوايمة وعشرات غيرها. وأرغم سكانها على مغادرة بلداتهم وقراهم ومدنهم فيما عرف ب(النكبة الفلسطينية). وأعلن على أثرها قيام سلطة الكيان الصهيوني على أكثر من نصف مساحة فلسطين التاريخية. واضطر 700 ألف فلسطيني للهجرة واللجوء إلى الأقطار العربية المجاورة، ولتنشأ هنا مشكلة اللاجئين والمستمرة حتى يومنا هذا، وهم يحلمون بالعودة إلى أرض أبائهم وأجدادهم.
ومع عدوان الصهاينة عام 1967 احتلت دولة الكيان ماتبقى من أرض فلسطين التاريخية باحتلال الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة.
وعمل الصهاينة على تزوير التاريخ الفلسطيني وسرقة تراثه من ملبس وطعام. وصنعوا تاريخاً كاذباً اعتماداً على قصص وأساطير لاسند تاريخي لها. ومع هذا كله لم يتوقف شعبنا الفلسطيني ومنذ75 عاماً وأكثر وهو يكافح بكل الوسائل لتحرير أرضه ووطنه وبناء دولته المستقلة.
ورغم ذلك كله تبقى فلسطين أرضاً عربية بشعبها وكفاحه والذي يؤكد يوماً بعد يوم أن النصر آت ما دام فينا عرق ينبض وجيلاً يسلم الراية لجيل أخر.
هؤلاء الأحفاد الذين ولدوا خارج فلسطين أو داخلها يلهجون بصوت واحد فلسطين عربية وستبقى عربية. ونسمع حنين شبابها ونسائها وعيونهم ترنو نحو فلسطين.
فتعلثمت الكلمات في فم (فلسطين العروس) ثم بكت..
وصاح أحدهم: ما بالها بلادنا الحبيبة، أتبكين ونحن جبالك السمر التي طالما كانت سفوحنا منبعاً للنضال، أرجوكِ، كفكفي دموعك، فأنت بحاجة إلى لم الشمل الذي يكمل بناء خارطتك الرائعة..
تعليقات
إرسال تعليق
* عزيزي القارئ *
لقد قمنا بتحديث نظام التعليقات على موقعنا، ونأمل أن ينال إعجابكم. لكتابة التعليقات يجب أولا التسجيل عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي أو عن طريق خدمة البريد الإلكتروني...
رئيس التحرير د:حسن نعيم إبراهيم.