بعيدا عن السياسة والميدان.. بقلم الإعلامية .. فاطمة جيرودية ..سوريا

 بعيدا عن السياسة والميدان.. بقلم الإعلامية ..  فاطمة جيرودية ..سوريا
بعيدا عن السياسة والميدان.. بقلم الإعلامية .. فاطمة جيرودية ..سوريا

 بعيدا عن السياسة والميدان.. بقلم الإعلامية ..  فاطمة جيرودية ..سوريا

بعيدا عن السياسة والميدان.. بقلم الإعلامية ..  فاطمة جيرودية ..سوريا

لم أعش طفولةً سهلة.. بل كانت سنيّ طفولتي كما لو أنني قضيتُها جميعاً في جُبِّ يوسف!!!
كنت أقف أمام المرآة وأرى طفلة بملامح ناعمة جدا بشعر ناعم جدا.. وعينين فيهما دمعة!!
أنظرُ إليّ في المرآة وأبكي.. فالجُبّ ما فرقَه عن جبّ يوسف هو المرآة!!
أقول لله: لماذا سكبت في عيني دمعة ثم خلقتني!
وتنهالُ الدموعُ كَسكبٍ من الماء على سطح شفيف!!
أراني في المرآة ولا أراني.. يغبّشُ سكبُ الدمع على ملامح وجهي ويتماهى لي صاحبُ الظّلّ الطويل!
أذكر تماما أنني ذاتَ دمعٍ ركضتُ إلى الشارع حزينةً لا أريد أن أرى صاحب الظلّ الطويل ثم يرحل من دون أن يجيبني على شيء!
وفي الطريق كنت ألح بالقول:
ياربّ إذا كنت تسمعُني أعطني إشارة فقط!!
أكملتُ الدرب نزولاً ثم عاودت الصعود.. لم يكن سواي على هذا الرصيف!
أنا ودمعي ودعائي..
فجأة وقعت عيني على عشر ليرات ورقية جديدة.. وقفت مذهولة.. من رمى بتلك؟
هل وقعت من أحد حقاً ؟.. كيف ولم يمشِ على الرصيف سواي؟!!
توالت الأوراق وراء بعضها حتى وصلت قبيل البيت!
عشرٌ من العشر ليرات..!!
أي مئة ليرة.. كانت تعادلُ حينها ربع راتب والدي!!
جديدة كما لو أنها من البنك مباشرة!!
ثم فجأة.. صار عمري ثمانية وثلاثين عاماً.. وبكيت أطفال غزة كما بكيت تلك الصغيرة في المرآة..
دونما انتباه وجدتني أدعو وأنا أبكي... يارب إذا كنت تسمعني أعطني إشارة..!
هذه المرة لم أجد أوراقا نقدية لأن همومي تعدّت كثيرا مصروف طفلة والحلم برحلة المدرسة والأسئلة الوجودية التي ترافق الطفولة في الجبّ!!
ولكنني عاودت فتح التقويم.. فوقعتُ على عشرة شهور..
لملمتهم شهرا شهرا.. ووجدتني أجلس في حرم السيّد.. أطوف بنظري حول كعبةِ وجهه الشريف.. يغبّش نظري لا دمعُ العيون بل البخورُ الذي يطوف حواليه وينبعث من لحيته البيضاء الشريفة.. وكان هو يردّد خُطبةَ الحوراء زينب وأنا أعدّ العشر.. ووجدتني فجأةً قبيلَ البيت!!
لكن ليس أي بيت!!

تعليقات