الإسلام والغرب.. استهدافٌ تاريخي وحالة مقاومة مستمرة.. بقلم .. إسماعيل النجار

 الإسلام والغرب.. استهدافٌ تاريخي وحالة مقاومة مستمرة..  بقلم  .. إسماعيل النجار
الإسلام والغرب.. استهدافٌ تاريخي وحالة مقاومة مستمرة.. بقلم .. إسماعيل النجار

 الإسلام والغرب.. استهدافٌ تاريخي وحالة مقاومة مستمرة

الإسلام والغرب.. استهدافٌ تاريخي وحالة مقاومة مستمرة

كتب إسماعيل النجار،

الإسلام والغرب؛ استهدافٌ تاريخي وحالة مقاومة مستمرة.

{منذ أن ناصبَ أبو سفيان العداء للرسول الأكرم ﷺ مع بدايات انتشار الدعوة الإسلامية، تعرّض دين الله الحنيف لحملة استهدافٍ متواصلة امتدت عبر القرون، تغيّرت فيها الأزمنة والوجوه والملوك والدول، إلّا أنّ المستهدَف الحقيقي بقي واحداً!. إسلامنا العزيز السمِح.

{تاريخياً، شوَّهَ العثمانيون صورة الدين الإسلامي الذي حكموا باسمه وقوته، عبر تصرفاتٍ سياسية واجتماعية خالفت الشريعة، لناحية التعامل مع النساء، وقتل الأطفال ولو كانوا إخوة من أجل الحفاظ على السلطان، ومصادرة الأموال والطعام، وإجبار الناس على التجنيد والقتال في أماكن بعيدة عن أوطانهم بآلاف الكيلومترات.

{ومع سقوط هذه الدولة المَسِخَة، كان الغرب مستعداً لوراثة نفوذها في المنطقة. فقامت بريطانيا، خصوصاً، باستعمار بلدانٍ عربية وإسلامية، مدمّرةً البُنى الاقتصادية ومُنهِبةً الثروات في مناطق واسعة كالهند وشرق آسيا.

{من أبشع الجرائم التي ارتكبتها بريطانيا بحق المسلمين هي صناعة مذهب ابن "عبدالوهاب" القائم على فكر "ابن تيمية" التي تعتبر عقيدته واحدة من أحقر العقائد التي جُمِعَت أفكارها من التلمود اليهودي والأفكار الصهيونية المصطنعة، {ثم تم تأسيس حركة الإخوان المسلمين في بدايات القرن التاسع عشر كحركة إسلامية متطرفة مأجورة تعمل لصالح الاستعمار على يَد أحد أكبر زبانيتهم ما يُسمى "حسن البنَّا"، والحركة تختلف من حيث أدواتها وخطابها عن الحركة السلفية الوهابية، رغم أنهم نهلوا من الفكر الإسلامي القليل القليل وأبدعوا بإسم الإسلام!.

{وفي السياق نفسه، أُسِّست بريطانيا منظمات إرهابية متعددة تحت عنوان «الجهاد» والجهاديين، مثل تنظيم القاعدة الذي حمل فكراً إرهابياً شريراً، استُخدم لضرب دول المنطقة وإعطاء ذرائع لأميركا والغرب لغزوها وتمزيق ساحاتها الإجتماعية والمذهبية والسياسية.

{طوال تلك الحقبات، بقيت الطائفة الشيعية الإثنا عشرية مغيّبة، لا دولة لها ولا كيان سياسي ولا صوت واضح. حوربت، شُرّدَ أبناؤها، وتشتّتوا في أصقاع الأرض؛ واضطر بعضهم لتغيير مذهبه خوفاً على أولاده وأرزاقه من الهلاك.

{غير أنّ الربع الأول من القرن العشرين حمل بشائر النهضة. في عام 1924 حيث برز اسم السيد عبدالحسين شرف الدين كعالم دين ومرجع شيعي في وادي الحجير، خلال وقفته الشهيرة معترضاً على الاحتلال الصهيوني الإنكليزي لفلسطين والاحتلال الفرنسي للبنان، ومعلناً على الملأ حرمة التطبير وضرب الرؤوس بالسيوف. فكان ذلك فجراً جديداً أشرقت فيه شمس الشيعية الجعفرية علناً في القرن العشرين.

{في الربع الأخير من القرن ذاته، برزت شخصية الإمام موسى الصدر، بالتوازي مع نجاح الإمام الخميني قدّس سره في إسقاط عرش الشاه في إيران، وتأسيس الجمهورية الإسلامية، وكانَ أول نظام سياسي شيعي رسمي يُولد منذ قرون. اعتقد الغرب بدايةً أنهُ سيكون هشّ ضعيف طوائفه متناحرة، إلّا أن إعلان الدستور الإسلامي المعتدل وإطلاق شعارات مواجهة ألاستكبار الغربي ورسم خطوط الصراع مع إسرائيل التي وصفها الخميني بـ«الغدة السرطانية» قلب المشهد رأساً على عَقَب.

{هنا اشتعلت حرب الثماني سنوات التي قادها نظام صدام حسين وأوقدتها الولايات المتحدةالأميركيةوبريطانيا بزيتها، فتبعتها عقوباتٌ غربية شرقية قاسية ما زالت مستمرة حتى اليوم، بهدف إخضاع إيران وإجبارها على التخلي عن دعمها لفلسطين وحركات التحرّر، وتمكين الغرب من نفطها وغازها وثرواتها.

{لكن رفض إيران الدائم أثار غضب الولايات المتحدة وخوف إسرائيل، فاستعانت تلك القوى بالأنظمة العربية الخانعة لإشغال طهران بخلافات جانبية، وتصويرها بأنها عدواً أساسياً للسعودية ولغيرها. الأمر الذي أدّى إلى توترات مذهبية امتدت إلى البحرين والعراق وسوريا ولبنان.

{في لبنان، شكّلت المقاومة الإسلامية إلى جانب حركة أمل رأس حربة مواجهة المشاريع الأميركية الإسرائيلية. وبعد إسقاط اتفاق 17 أيار، اتُخذ القرار بتدمير حزب الله وتجريده من سلاحه، لكن المقاومة خاضت حروباً متتالية، راكمت خلالها إنجازات نوعيّة، أبرزها حرب تموز 2006.

توقفت الحرب حينها، وبدأ الطرفان التحضير لجولة جديدة استمر هدوؤها ثمانية عشر عاماً، حتى جاءت عملية 7 أكتوبر التي أشعلت معركة إسنادٍ واسعة خاضها حزب الله إلى جانب الفلسطينيين، ليتحوّل الصراع إلى حرب مفتوحة لم تتمكن تل أبيب ولا القوى الداعمة لها من كسر شوكة المقاومة أو ليّ ذراعها.

{مع انتهاء هذه الجولة باتفاقٍ على تنفيذ القرار 1701 لم تلتزم به إسرائيل، توصّل التقييم الأميركي الصهيوني إلى أنّ الخطر الحقيقي ليس السلاح بل الأدلجة الشيعية نفسها، وبدأ الحديث عن نِيَّة واشنطن وتل أبيب ضرب العقيدة الجعفرية برمّتها، لأن تجريد السلاح من وُجهَة نظرهم لا ينهي القضية.

{الفكر الجعفري روحٌ تُقاوم الظلم لإن له بعدٌ إنساني وأخلاقي عميق؛ فهو يؤمن بأن كرامة الإنسان أصلٌ مقدّس، ويرى في مقاومة الظلم فريضة لا تنفكّ عن هوية المؤمن. وقد قدّم عبر التاريخ مدرّسةً فكرية قائمة على العقلانية، الحوار، احترام الإنسان، رفض الطغيان، والوقوف إلى جانب المظلوم مهما كان انتماؤه. كما أسّس ثقافة تربيةٍ روحية تُشعل في النفوس نور الصبر، والثبات، والالتزام الأخلاقي في مواجهة الظالمين. وهذا ما جعل أبناء هذه المدرسة عبر التاريخ طليعة المقاومين، لا يخضعون لإغراء مال ولا رهبة سيف، بل يحملون إرثاً ممتداً من كربلاء إلى فلسطين.

فكيف لأميركا وغيرها أن تبعدنا عن نهجنا أو تقضي على فكرنا؟

حتماً لا تستطيع.

بيروت في،،    30/10/2025

تعليقات