إضاءة على نص أنا ومرآتي للشاعرة السورية / رولا محمد / بقلم د.حسن نعيم إبراهيم

إضاءة على نص أنا ومرآتي للشاعرة السورية / رولا محمد / بقلم د.حسن نعيم إبراهيم
إضاءة على نص أنا ومرآتي للشاعرة السورية / رولا محمد / بقلم د.حسن نعيم إبراهيم


إضاءة على نص أنا ومرأتي للشاعرة رولا محمد
بقلم د.حسن نعيم أبراهيم

نص يحمل الكثير  من الصراعات الداخلية التي باتت عنصرًا ملحوظا على كل الفئات البشرية 

التي تحدد طبيعة تعاملنا مع انفسنا ومع الآخرين ومن اشدها الصراع الداخلي بين الثقة بالنفس والشعور بالإحباط  أو بمعنى أكثر شمولية الصراع 

بين الأمل واليأس في النفس التي عانت الكثير من المآسي صراع مابين الآنا وذاتها مابين الروح والنفس والجسد لكن يا ترى أيهما سينتصر في هذا الصراع؟

دموع وصراخ وحيرة وركض  خلف الأمل الهارب او البعيد

هنا تحاول الكاتبة رولا لملمة أشلائها المبعثرة 

وإعادة ترتيب بقايا ذاتها المتناثر هنا وهناك

تقف أمام مرآتها  .. فتصرخ ذاتها  في وجهها  لما وصلت اليه

من حزن وكآبة وهذا الموج المتلاطم مابين شعورها كطفلة وكيف كانت شقاوتها ومسيرتها وبين واقع الآن كئيب  يغلفه الحزن

وهنا نلاحظ تبرير مايحدث للنفس البشرية ومدى تحملها للظروف القاسية التي خلقت هذا الصراع في داخلها

مابين طفلة وامراة بالغة وما يفرضه المجتمع حولها   وبين احلامها التائهة  فهي تحلم  وتصبوا للأفضل  ويضيع من قدمها الطريق تارة تلحق بالأمل وتارة يخذلها الطريق

  وهذه حالة صحية  وجيدة  تدل على اصرارها على الصمود بوجه هذا الصراع وهذه الرياح العاتية

إن الثقة بالنفس ليس شعورًا فطريًا بل هي إحساس نشعر به حين نصل لمرحلة لا يُستهان بها من حب الذات ، والثقة بأننا نملك الكثير من الإمكانيات والصفات 

التي تؤهلنا لتحقيق أحلامنا التي قد لا تكون بنظر الآخرين مثيرة للاهتمام

 أو ذات قيمة كبيرة لكن هذه الثقة بأنفسنا تجعلنا نثق بأننا كذلك وممكن لثقتنا الزائدة إن توافرت أن تجعلنا نشعر بأننا مميزون عن الآخرين

 وأن ما لدينا من صفات لا توجد لدى غيرنا  بل أننا نتميز عنهم بكل الأمور وهنا نكون قد شارفنا على الوصول لقمة الكارثة وهو الشعور بالغرور والكبرياء

لكن الإحباط المرعب قد يكون قاتلًا ولا يقتل هذه الثقة بالنفس فقط بل قد يغرس في النفس قناعة مأساوية 

وهي الحالة التي نوهت اليها الكاتبة رولا  من حزن وبكاء وألم  بأنها كانت تثق بلا شيء

وأنها كانت تعيش في كوكب ليس له وجود وبين أُناس لم يَصْدقوا معها بيوم بكل حرف تفوهت به

نلحظ أن المشكلة بل المأساة الحقيقة حين يصطدم الإنسان الواثق بنفسه جدًا بالواقع  

أو حين يتعرض لصدمات عنيفة متوالية سواء أكانت صدمات نفسية او عاطفية اوحياتية مجتمعية

 وسواء كان المسبب لهذه الصدمات من أقرب الناس أم من أبعدها عنه او من ظروف تحيط بواقع يعيشه، لكن بالنظر للنتيجة من هذه المسببات

 وهي الثورة الهائلة من الانفعالات الكئيبة وقد تصل لمرحلة مرعبة من اهتزاز الشخصية والضياع النفسي من شعور الثقة  للشعور بالإحباط

وحين يصل الإنسان لهذه المرحلة من ذروة الأحداث الداخلية العنيفة، يبدأ العد التنازلي لنهاية هذا الصراع سواء بالموت وهو على قيد الحياة

 أو بخلق أمل جديد له بالحياة، والسؤال كيف هذا سيحدث في هذه النفسية المدمرة التي كانت مفعمة بكل ألوان الحياة 

والابتهاج وبثقتها بما وهبها الله من مزايا .. كيف سيمكنها أن تحول هذا الصراع لسلام نفسي؟ انه بالفعل صعب جدًا

 لأن النفس التي وصلت لهذه الدرجة من الصراع وصلت لدرجة اقتناع أن كل ما كانت تشعر به من قبل من ثقة كبيرة بالنفس إنما كان توهّما 

ويمكننا تخطي هذه الحالة بالاعتماد على قوة الإيمان  والأمل وهذا  ما تصبو به إليه الشاعرة  رولا  برغم كل هذا الصراع والعذاب  وتصمد من خلاله بالأمل نعم الامل 

 حتى تتمكن من الخروج من دائرة الصراع لعالم مليء بالسلام

 ومتى ما كان هذا الشخص قادرًا على تحمل مختلف الصعاب 

وقادرا على التعامل الذكي مع مختلف المشاكل وقتها تكون الثقة بالنفس عاملًا لتحقيق النجاح
د.حسن نعيم إبراهيم

النص أنا ومرآتي


(أنا ومرآتي)
وقفتُ أمامَ مرآتي
أجمعُ أشلائيَ المُبعثَرة
وألملِمُ بقايا ذَاتي
المُدَمّرة
صَاحتْ بوجهي مُتَأثِرة
لِما أقرأُ الحُزنَ
على خَطوطِ وجنَتيكِ ؟
لِما أرى الدَمعَ
حائِراً في عينَيكِ ؟
لم أرى الألمَ
يقطُرُ من ضَفائرِ شَعركِ ؟
قلتُ :
يا مرآتي لا أعلمُ كيفَ
أروي لكِ حكايتي !!!
فالدُنيا تَعتبرُني
طِفلةٌ شقيَّة
تُصِرُّ على عُقوبَتي
وبأنامِلَها البَغيَّة
تسكِبُ حِممَ نيرانها
على أوراقي الفَتيَّة
فتُحرِقُ زَهرَتي
تُسلِّطُ عليَّ
جَامَ غضَبِها
وتُفرِغُ حُمولةَ سُمِّها
في جَسَدي
بينَ أورِدَتي
تقِفُ في دربِ
خُطايَ كسدٍ مَنيع
تُعرقِلُ سيرَ مُنايَ
فأحلامي تَضيع
ينقَطِعُ خَيطُ
الأملِ الرفيعْ
و تبكي مُهجَتي
تُقَطِّعُ أوصالي بمديَتِها
تُبَعثِرُ أشلائي بيدَيها
وتُغيّرُ مَلامحي بسوطِ قَلمِها
فأضيعُ ولا أجِدُ ذاتي
تَضَعُ لِثاماً على فَمي
وتُوئد في صَدري ألمي
فأستَعينُ بِقلمي
وأكتبُ بالدَمعِ أبياتي
يا مرآتي
أما زلتِ تَستَغربينَ
عندما تَرَينَ
ملامِحَ وجهي الحَزين
وتسمَعينَ صوتَ آهاتي

تعليقات