الجمهورية العربية السورية هي أول دولة عربية تعتبر عيد العمال عطلة رسمية
يحتفل عمال سورية بعيد العمال في الأول من أيار مع جميع العمال في العالم, وتعد
الجمهورية العربية السورية أول دولة عربية تهتم رسمياً بعيد العمال, ومنذ أوائل
الثمانينات أصبع الأول من أيار عطلة رسمية لجميع العاملين في الدولة السورية بما فيها
القطاعات ذات الطابع الإداري بعد أن كان الاحتفال يقتصر على مهرجان خطابي مركزي
في العاصمة السورية "دمشق", وفيما أصبح الاحتفال المركزي يقام في مصنع, وأكثر من
ذلك أعتبر القانون أن شكل تسمية عامل جميع العاملين في الدولة السورية, وأطلق على
القانون السوري الناظم لعلاقات العمل في مؤسسات الدولة قانون العاملين الموحد, وكان
يسمى قبل ذلك قانون الموظفين الأساسي.
وإذا استعرضنا تاريخ الاحتفال بعيد العمال, سنجد أن كل الكتابات تعيدها إلى مظاهرات
العمال الأميركيين, للمطالبة بتخفيض ساعات العمل من ست عشرة ساعة إلى ثماني
ساعات, والأدبيات تذكر أن عمال أوروبا شاركوا فيما بعد في تكريس يوم للعمال
والمطالبة بتخفيض ساهات العمل ولا سيما بعد انتشار الفكر الاشتراكي الديمقراطي.
لكن الباحث سيكتشف قال: أن عمال استراليا سبقوا عمال أميركا وأوروبا في تكريس يوم
للعمال بثلاثين عاماً, ولم يكن هذا اليوم نابعاً من الاضطهاد والظلم كما هو الحال في
أميركا, وإنما للراحة والاستجمام بمناسبة قدوم الربيع. ومن يقرأ كتابات روزا
لوكسمبورغ يكشف هذا السبق للاستراليين, ولكن يبدو أن الشخصيات المناوئة لهذه الكاتبة
اليسارية أزاحت كتاباتها جانباً لصالح الذين ركزوا على نضال عمال أميركا.
يذكر سعدي يوسف في مقال مترجم عن الإنكليزية مأخوذ من الكتابات السياسية المختارة
لروزا لوكسمبورغ أن فكرة أستخدام احتفال العطلة البروليتارية وسيلة للحصول على يوم
عمل ذي ثماني ساعات ولدت في استراليا, إذ قرر ألعمال هناك في سنة 1856م تنظيم يوم
للتوقف الكامل عن العمل, مصحوب باجتماعات وتسليمات, تأييداً ليوم عمل ذي ثماني
ساعات, وفي البداية كان مقرراً أن يكون في الحادي والعشرين من نيسان, وكان العمال
الاستراليون يردون أن يكون هذا الاحتفال للعام 1856 فقط, لكن الاحتفال الأول كان له
واقع شديد على جماهير الكادحين في استراليا رافعاً معنوياتهم, ودافعاً إياهم نحو تحريض
جديد, وهكذا تقرر أن يقام الاحتفال كل عام. وحذا العمال الأميركيون حذو العمال
الاستراليين, ففي عام 1886 قرروا أن يكون الأول من آيار يوم توقف كامل عن العمل,
وفي ذلك اليوم ترك مائتا آلف منهم عملهم, مطالبين بيوم عمل ذي ثماني ساعات, منعت
الشرطة العمال من إعادة التظاهر, لكنهم في العام 1888 جددوا قرارهم, محددين أن
يكون الاحتفال القادم في الأول من أيار 1890, وفي الوقت نفسه صارت حركة العمال في
أوروبا أقوى وأكثر حيوية, والتعبير الأجلى لهذه الحركة حدث في مؤتمر العمال العالمي
في 1889 وفي هذا المؤتمر الذي حضره أربع مئة مندوب, تقرر أن يكون يوم العمل
ثماني ساعات, وطالب لافين مندوب النقابات الفرنسية, بأن يعبر عن هذا المطلب في
جميع الدول والبلدان من خلال توقف شامل عن العمل, وأشار مندوب العمال الأميركيين
إلى قرار رفاقه الإضراب في الأول من أيار 1890 فقرر المؤتمر اعتبار هذا التارخ يوماً
للاحتفال الطبقة العاملة العالمية, وقرر المؤتمر أن يتظاهر عمال كل الدول من أجل يوم
عمل ذي ثماني ساعات في الأول من أيار 1890م.
وقد جرى أول احتفال بالأول من أيار عام 1889 في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا والنمسا
وبلجيكا والمجر وأسبانيا, وعندما التقى مندوبون عن منظمات وأحزاب العمال في باريس
في حزيران في العام المذكور, تقرر اعتبار أول أيار عيداً للعمال في مختلف الدول
والبلدام العالم.
وفي الجمهورية العربية السورية ومن خلال ثورة الثامن من أذار ثورة العمال والفلاحين,
هذه الثورة التي قامت على مبدأ احقاق الحق ورد الحقوق لصحابها والتحرر من الطبقة
الأقطاعية والبرجوازية وبذور الرأسمالية التي كادت أن ترسي لها قواعد راسخة في هذا
البلد المقاوم واقتصاد النامي وبالتالي تحرير الطبقة العاملة من كل قيود الاستبداد
والاقطاعية التي لم تترك لها متنفساً واحداً تخرجها من ظلامية قدرية تلغي أفقه وتحد من
قدر قدراتها وتمنع ممارسة ألوان حريتها ورغباتها وطموحاتها. و هذه سورية اليوم تحتفل
على امتداد ساحاتها من خلال هذا البلد المعطاء بهذا العيد العظيم الذي يجود به هذه
الأرض العربية, تحتفل سورية بهذا العام, وهذا العيد ككل عمال هذا الوطن المنتصر
الصامد المقاوم, الذي استفاد من الانتصارات التي حققه في الحرب الإرهابية على هذه
الأرض من هزيمة فادحة ضد المسلحين التكفيرين وعملائهم الخونة, وهذا يعود إلى بسالة
الجيش العربي السوري البطل, وعطاءات ثورة الثامن من آذار ومن عطاءات الحركة
التصحيحية المجيدة التي قادها السيد الرئيس الخالد حافظ الأسد, والآن السيد الرئيس القائد
بشار حافظ الأسد, والوطن بأن بناء وتعمير وترميم الخراب الناتج عن الأعمال الارهابية
التي لم توفر لا الحجر ولا البشر, وهذه مسؤولية الجميع من الشرفاء والأحرار في العالم
لأن سورية بكل مكوناتها ونسيجها الاجتماعي من عمال وفلاحين وكتاب وصحفين
وعلماء وباحثين ومشايخ و أطفال وطلاب ولهم الحق بالحياة والعيش والانسجام والتجانس
بعزة وكرامة وفخار وكبرياء.
الكاتب والباحث الإعلامي د. فضيل حلمي عبدالله
تعليقات
إرسال تعليق
* عزيزي القارئ *
لقد قمنا بتحديث نظام التعليقات على موقعنا، ونأمل أن ينال إعجابكم. لكتابة التعليقات يجب أولا التسجيل عن طريق مواقع التواصل الإجتماعي أو عن طريق خدمة البريد الإلكتروني...
رئيس التحرير د:حسن نعيم إبراهيم.